فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الفيروزابادي:

قوله: {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} في هذه السّورة وزاد في المائدة (منه) لأَنَّ المذكور في هذه بعضُ أَحكام الوضوءِ والتيمّم، فحسن الحذف؛ والمذكور في المائدة جميع أَحكامهما، فحسن الإِثبات والبيان. اهـ.

.قال القرطبي:

واختلف العلماء أيضًا هل يكفي في التيمم ضربةٌ واحدة أم لا؟ فذهب مالك في المدّونة أن التيمم بضربتين: ضربة للوجه وضربة لليدين؛ وهو قول الأوزاعي والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم، والثّوْري والّليث وابن أبي سلمة.
ورواه جابر بن عبد الله وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن أبي الجهم؛ التيمم بضربة واحدة.
ورُوي عن الأوزاعي في الأشهر عنه؛ وهو قول عطاء والشعبي في رواية.
وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق وداود والطبري.
وهو أثبت ما روي في ذلك من حديث عمار.
قال مالك في كتاب محمد: إن تيمم بضربة واحدة أجزأه.
وقال ابن نافع: يعيد أبدًا.
قال أبو عمر وقال ابن أبي لَيْلَى والحسن بن حّي: ضربتان؛ يمسح بكل ضربة منهما وجهه وذراعيه ومرفقيه.
ولم يقل بذلك أحد من أهل العلم غيرهما.
قال أبو عمر: لما اختلفت الآثار في كيفية التيمم وتعارضت كان الواجب في ذلك الرجوع إلى ظاهر الكتاب، وهو يدل على ضربتين ضربة للوجه، ولليدين أخرى إلى المرفقين، قياسا على الوضوء واتباعًا لفعل ابن عمر؛ فإنه من لا يدفع علمه بكتاب الله.
ولو ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء وجب الوقوف عنده. وبالله التوفيق. اهـ.

.قال الفخر:

ختم تعالى الآية بقوله: {إن الله كان عفوا غفورا} وهو كناية عن الترخيص، والتيسير، لأن من كان من عادته أن يعفو عن المذنبين، فبأن يرخص للعاجزين كان أولى. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {إِنَّ الله كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} أي لم يزل كائنًا يقبل العفو وهو السهل، ويغفر الذنب أي يستر عقوبته فلا يعاقب. اهـ.

.قال السمرقندي:

{إِنَّ الله كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} أي ذو الفضل والعفو حين أجاز لكم التراب مكان الماء، غفورًا لتقصيركم. اهـ.

.قال ابن عاشور:

وقوله: {إن الله كان عفوًا غفورًا} تذييل لحكم الرخصة إذ عفا عن المسلمين فلم يكلّفهم الغسل أو الوضوء عند المرض، ولا ترقّبَ وجود الماء عند عدمه، حتّى تكثر عليهم الصلوات فيعسر عليهم القضاء. اهـ.

.قال الألوسي:

{إِنَّ الله كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} تعليل لما يفهمه الكلام من الترخيص والتيسير وتقرير لهما فإن مَنْ عادته المستمرة أن يعفو عن الخاطئين ويغفر للمذنبين لابد أن يكون ميسرًا لا معسرًا، وجوز أن يكون كناية عن ذلك فإنه من روادف العفو وتوابع الغفران، وأدمج فيه أن الأصل الطهارة الكاملة وأن غيرها من الرخص من العفو والغفران، وقيل: العفو هنا بمعنى [التيسير] كما في التيسير واستدل على وروده بهذا المعنى بقوله صلى الله عليه وسلم: «عفوت لكم صدقة الخيل والرقيق» وذكر المغفرة للدلالة على أنه غفر ذنب المصلين سكارى، وما صدر عنهم في القراءة، وأنت تعلم أن حمل العفو على التيسير في الحديث غير متعين وكون ذكر المغفرة لما ذكر بعيد. اهـ.

.قال الخازن

فصل في أحكام تتعلق بالآية:
اختلف العلماء في العبور في المسجد فأباحه قوم على الإطلاق وهو قول الحسن وبه قال مالك والشافعي ومنعه بعضهم على الإطلاق وهو قول أصحاب الرأي.
وقال قوم يتيمم للعبور في المسجد واختلف العلماء في المكث في المسجد أيضًا للجنب فمنعه أكثر أهل العلم وقالوا لا يجوز للجنب المكث في المسجد بحال لما روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت أصحاب شراعة في المسجد فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد» ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئًا رجاء أن تنزل لهم رخصة فخرج إليهم بعد.
فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل لحائض ولا جنب» أخرجه أبو داود وجوز أحمد المكث في المسجد بشرط الوضوء به. قال المزني من أصحاب الشافعي وأجاب أحمد عن حديث عائشة بأنه في رواته مجهول.
وقال عبد الحق لا يثبت من قبل إسناده واستدل أحمد لمذهبه بما روي عن عطاء بن يسار قال رأيت رجالًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة أخرجه سعيد بن منصور في مسنده واحتج لمذهب الجمهور بعموم الآية وبما روي عن أم سلمة قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته «أن المسجد لا يحل لجنب ولا حائض» أخرجه ابن ماجه ويحرم على الجنب أيضًا الطواف وقراءة القرآن كما يحرم عليه فعل الصلاة ويدل على ذلك أيضًا ما روي عن علي بن أبي طالب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته ثم يخرج فيقرأ ويأكل معنا اللحم ولا يحجبه وربما قال ولا يحجزه من القرآن شيء ليس الجنابة أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي ولفظه كان يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنبًا وقال حديث حسن صحيح عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقرأ الجنب ولا الحائض ولا النفساء من القرآن شيئًا» أخرجه الدارقطني ويجب الغسل بأحد الشيئين: بإنزال المني وهو الماء الدافق أو بإيلاج الحشفة في الفرج وإن لم ينزل ويدل على ذلك ما روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلامًا قال: «يغتسل» وعن الوجه يرى أنه احتلم ولا يجد بللًا. قال: «لا غسل عليه». قالت أم سلمة والمرأة ترى ذلك أعليها غسل؟ قال: «نعم». أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل» زاد في رواية وإن لم ينزل.

.قال الخازن:

فصل في أحكام تتعلق بالآية:
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: [انتقاض الوضوء بالإفضاء]:
إذا أفضى الرجل بشيء من بدنه إلى شيء من بدن المرأة ولا حائل بينهما انتقض وضوءهما وهو قول ابن مسعود وابن عمر وبه قال الزهري والأوزاعي والشافعي لما روي الشافعي عن ابن عمر أنه قال قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبّل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء أخرجه مالك في الموطأ قال الشافعي: وبلغنا عن ابن المسعود مثله وقال مالك والليث بن سعد وأحمد وإسحاق إذا كان اللمس بشهوة انتقض الوضوء وإن لم يكن بشهوة فلا ويدل عليه ما روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ» قال عروة ومن هي إلاّ لا أنت فضحكت أخرجه أبو داود وأجيب عن هذا الحديث بأنه ليس بثابت قال الترمذي إنه لا يصلح إسناده بحال وسمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث وقال حبيب بن ثابت لم يسمع من عروة وضعف يحيى بن سعيد القطان هذا الحديث وقال هو شبه لا شيء وفيه ضعف من وجه آخر وهو أن عروة هذا ليس بعروة بن الزبير ابن أخت عائشة إنما هو شيخ مجهول قال البيهقي يعرف بعروة المزني وإنما المحفوظ عن عائشة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم» كذا رواه الثقات عن عائشة وقال أبو حنيفة لا ينتفض الوضوء باللمس إلاّ أن يحدث الانتشار وقال قوم لا ينتقض بحال وهو وقول ابن عباس وبه قال الحسن والثوري واحتج من لم يوجب الوضوء باللمس بما روي عن عائشة أنها قالت: «كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي فإذا قام بسطتهما والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح» أخرجاه في الصحيحين وأجاب من أوجب الوضوء باللمس عن هذا الحديث بأنه يحتمل أن يكون غمزه لها على حائل.
المسألة الثانية: [الاختلاف في لمس المحرم]:
اختلف قول الشافعي في لمس المحرم كالأم والبنت والأخت أو أجنبية صغيرة فأصح القولين عنه أنه لا ينتقض الوضوء به والثاني انه ينتقض الوضوء به ومأخذ القولين عند أصحاب الشافعي التردد بين التعلق بعموم الآية في قوله: {أو لا مستم النساء} أو النظر إلى المعنى في النقض باللمس وهو تحرك الشهوة فإن أخذنا بعموم الآية فينتقض الوضوء بلمس المحارم وإن أخذنا بالمعنى فلا ينتقض وفي الملموس قولان والملموس هو الذي لا فعل منه في المباشرة رجلًا كان أو امرأة واللامس هو الفاعل اللمس وإن لم يقصد المباشرة فأحد القولين إنه ينتقض وضوء اللامس والملموس لعموم الآية لأنه لمس وقع بين الرجل والمرأة فينتقض وضوءهما معًا والقول الثاني إنه ينتقض وضوء اللامس دون الملموس لما روي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: «فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوضعت يدي على أخمص قدميه وهو ساجد وهما منصوبتان وهو يقول: اللّهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك». أخرجه مسلم فلو انتقض وضوءه صلى الله عليه وسلم لقطع الصلاة ولو لمس شعر امرأة أو سنها أو ظفرها فلا وضوء عليه.
المسألة الثالثة في الحدث:
وهو الخارج من السبيلين عينًا كالبول والغائط أو أثرًا كالريح ونحوها فإذا حصل شي من ذلك فلا تصح صلاته ما لم يتوضأ أو يتيمم عند عدم الماء لما روي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» فقال رجل من أهل حضرموت ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال فساء أو ضراط أخرجاه في الصحيحين أما خروج النجاسة من غير السبيلين كالفصد والحجامة والرعاف والقيء ونحوها فذهب قوم إلى أنه لا وضوء من خروج هذه الأشياء يروى عن ابن عمر وابن عباس وبه قال عطاء وطاوس والحسن وابن المسيب وإليه ذهب مالك والشافعي لما روي عن أنس قال: «احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه» أخرجه الدارقطني وذهب قوم إلى إيجاب الوضوء من ذلك منهم سفيان الثوري وابن المبارك وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق واتفق هؤلاء على أن خروج القليل منه لا ينقض الوضوء ويدل على انتقاض الوضوء بخروج هذه الأشياء ما روي عن معدان بن أبي طلحة عنه أبي الدرداء: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ قال معدان فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت له ذلك فقال صدق أنا صببت له وضوءه» أخرجه الترمذي وقال هو أصح شيء في هذا الباب.
المسألة الرابعة: [زوال العقل]:
من نواقض الوضوء زوال العقل بجنون أو إغماء أو نوم لما روي عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ». أخرجه أبو داود وابن ماجه ويستثنى من ذلك النوم اليسير قاعدًا مفضيًا بمحل الحدث إلى الأرض ويدل على ذلك ما روي عن أنس.